دمار العالم ولا خدش في إصبعي

 
وحدها شجرة الزيتون ..مائة عام واكثر من العطاء دون تغيير أبداً...في التركيبة البشرية كل شيء قابل للتغيير، أخلاقيات ومبادىء وصفات وآراء..رغم أن الإنسان يسعى دائماً لجعلِ سلوكه يتفق مع منظومته الأخلاقية والمعرفية،لكن تدفق السيل من وسائل الإعلام

والتكنولوجيا والتطور الحاصل وتأثير ذلك على مزاجه ـ أي الانسان ـ ورغباته ونزواته،كل ذلك

 أدى به الى مواجهة عنيفة ومتعارضة مع سلوكياته،وهنا تبدأ عملية سايكلوجية يقوم بها

للتخفيف والتقليل من هذا التعارض عن طريق ثلاث خيارات لارابع لها حسب ما شخصه

بعض علماء النفس :الخيار الاول هو التبرير، أي محاولة الانسان البحث عن عذر مشروع لما

قام به .أما الخيار الثاني فهوتغيير سلوكه حتى يتوافق مع منظومته الأخلاقية الجديدة .

 أما الخيار الثالث الذي أمامه هو تغيير أفكاره التي وردت اليه.

ولهذا تشوهت واندثرت سمات وصفات دون ان نشعر، وأصبحنا ننشد لها كما ننشد لحبيب

 صعب المنال..وكل الذي سطره الحكماء والشعراء من مقولات وحكم وشعر عن الاخلاق

والحب والوفاء والتضحية و التسامح وو...الخ..لم تعد سوى كلام يطيب لنا ذكره وحفظه دون

 تطبيقه في الغالب وربما في الغد يصعب علينا فهمها!!

 

اذكر يوما القيت على مسامع صديقتي الوديعة ذات القلب الطيب بكل ثقة مقولة :(عامل الاخرين بأخلاقك وليس بأخلاقهم )و(العفو من شيم الكرام)عندما وجدت الدم يغلي في

 عروقها بسبب وشاية زميلتها للمدير لتاخرها المستمرعن الدوام وإخفاء الامر بطريقة متقنة وقتها هزت يدها ومطت شفتها السفلى بسخرية واستهزاء واخذت تحلف بأغلظ الأيمان

أنها سترد لها الصاع صاعين .

ومن خجلي سألت نفسي يا حكماءنا، من اين لكم هذا؟

من أين جئتم بكل هذه المقولات الحكيمة؟ هل هي من واقع الناس؟ أم كنتم تقصدون أن اصحاب المواقف هم انبياء وملائكة لا نراهم ؟ فقط انتم من تعرفونهم ام هي مجرد خيالات. ولحظة من لحظات التجلي تنكشف عندكم الرؤية وتنبثق مقولاتكم الحكيمة ؟؟

 
وفعلا ,استمرت صديقتي مستخدمة طرق ملتوية عديدةحتى اوقعت زميلتها في مشكلة لا يخرجها الا الله منها .

وأخذت بثأرها كما قالت لي ونشوة النصر على محياها، اذكر اني دنوت منها وقلت لها بهدوء :يا صديقتي العزيزة انسفي كل الاقوال والمواعظ التي ترددينها هنا وهناك ,وتدعين انك مؤمنة بها واحفظي مقولتين كونهما الافضل وهما يتماشين مع تفكيرك وعقلك الأولى لميكافيلي(الغاية تبرر الوسيلة )والثانية لديفد هيوم (د مار العالم ولا خدش في إصبعي)).